فكل عمله يجب ان يكون خالصا لله تعالى ربه ومالكه ومن السلوكيات التى انتشرت بين المسلمين فى الوقت الحالى واصبحت آفة اجتماعية تهدد كيان الامة ، الغضب ·· فالمؤمن القوى الشديد ليس بالمصارع وانما المتملك نفسه عند الغضب · كما أرشدنا رسولنا الهادى البشير فقال : ليس الشديد بالصرعة ،وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب · فالمؤمن حقا إذا أصيب بظلم قدر ان يدفع بالتى هى أحسن وان يكظم غيظه وفضلا عن هذا يقدر على العفو ·
فالمؤمن الضعيف الواهى يودع بنفسه الذل والهوان ليذهب عنها العزة فما يقدر ان يرد ظالمه او يدفع عنه ظلما·
والمؤمن القوى يحافظ على ما بنفسه بما فطر فيها من عزة وكرامة فيقدر على رد الظلم واسترداد الحق · فالله منحنا قبساً من عزته ما يجب ان نفرط فيه لنودع مكانها ذلا وهوانا بنفوسنا وهو منحة الله يجب ان نحافظ عليها كما خلقها الله ،والمؤمن اذا نيل من حقه اوظلم فاحمر وجهه واقشعرت اواصر بدنه وهاج به الغضب - ليأخذ بنفسه بعيدا عن فطرتها فيتربص به الشيطان ليستوطن ما خلا بين غضبه وفطرته فتستقر هادئة مطمئنة فيلقى الشيطان هزيمة منكرة اذا ما عفا عن ظالمه ·· وكل هذا الجهد محسوباً عند الله ليجازيه عنه خيرا·
أما اذا لم يكن الايمان راسخا سيأخذ الغضب بالمرء وتهيج وتفور قوته بغير ضابط فيرد ظلمه دفعا ليزيد ظلما وقع الى ظلمين ثم يتضاعف الظلم بين الناس والشيطان يتربص لأمر الغاضب فان لاح له الغضب استمكن فى الموقع حتى ينال مراده والمؤمن حقا هو هازم الشيطان فى هذه الموقعة·
ومن الهدى النبوى الشريف نقف وقفة ممعنة لنتدبر الامر لنرى كم يفرح الشيطان لأمر الغضب ، روى الإمام أحمد فى مسنده عن ابى هريرة رضى الله عنه قال : ان رجلا شتم ابا بكر رضى الله عنه والنبى صلى الله عليه وسلم جالس فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يعجب ويبتسم ، فلما اكثر الرجل على ابى بكر رد عليه بعض قوله ، فغضب النبى (ص) وقام ، فلحقه ابو بكر رضى الله عنه فقال يا رسول الله انه يشتمنى وانت جالس ، فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت قال صلى الله عليه وسلم : انه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله حضر الشيطان ثم قال صلى الله عليه وسلم يا ابا بكر ثلاث كلهن حق ، مامن عبد ظلم بمظلمة فيفضى عنها الله الا اعزه الله تعالى ونصره ، وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة الا زاده بها كثرة وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة الا زاده بها الله عز وجل بها قلة ·
ونفس المؤمن تبقى على الفطرة هادئة مطمئنة فإن هاج الغضب بنفس رجل افرغ ما بها من صبر ونأى بها عن فطرتها فيتربص بها الشيطان وعلى العاقل ان يختار سبيل مجاهدة ثورة النفس لتعود هادئة مطمئنة ويزيد بالعفو عن الظلم ·
والصبر على الظالم والعفو عنه لا يضيع به حقا ، ففعل المؤمن ومجاهدته ثورة الغضب وأخذه بنفسه الى فطرتها هو تثبيت لها لتكون فى معية الله تعالى وما عند الله خير كثيرا ·· هذا فى الدنيا ··· اما فى الاخرة فعند الله حسن المآب ·
فإن عفوت عن ظالمك فإنك تنازلت رضاء لله عن قوتك وعن قدرتك فيزيدك الله بها عزة وقوة لتعود عليك من مدد الله تعالى ·
والعفو إصلاح وعلاج لنفس ظالمك أن كان ضالا واراد الله ان يهديه بك ·· فيقول عز وجل ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم ــ سورة فصلت ·
بعفوك تكون امتثلت لما امرك الله به وهو العزيز الحكيم ··فالمؤمن حقا عالم بأن لو اجتمع القوم ليضروه بشئ لن يضروه الا بشئ قد كتبه الله ، ولو اجتمعوا على ان ينفعوه لن ينفعوه الا بشئ قد كتبه الله ، مؤمن بقدر الله خيره وشره وبما أنزل على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ·
والظالم متهيئ لرد فعلك فإن فاجأته بعفوك تسكن نفسه وينزوى راكنا ليراجع نفسه ويعالج ما بها ويحاول ان يزيل عنها ما أوقعه فى هذا الأمر ، فيتمثل بما فى نفسك من عزة ويعمل إرادته ليعيد عزة أوشك ان يفقدها وبعفوك تشارك غيرك ما شاب نفوس قومك وتساهم فى نشر فضيلة العفو بين قومك ·قال تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ·فالإصلاح الوارد فى الآية الشريفة هو إصلاحان:
- اصلاح نفسك بكبح جماحها وهزيمة غضبك والعودة بها الى فطرتها
- واصلاح لنفس ظالمك ·
وبالجملة هو اصلاح لحال القوم · وبعفوك تستر السيئة البادرة فلا يدركها كثيرون لأن الفعل يجذب معه أفعالا مشابهة وستر سيئة انما هو منع لسيئات تتربص للظهور بين القوم · وعفوك هو اظهار لأمر خير فيجذب معه امور مشابهة ··كأن يقتدى بك صغير او زميل او جار ·
قال تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ، إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون فى الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ، ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ·
فهلا تناولنا هذا الدواء الشافى لنشفى ما بنفوسنا من داء وهلا اقتبسنا من هذا النور قبسا لننير به نفوسنا ونقوم به قلوبنا ·
وان لم يقدر المظلوم على العفو كفاه ان يرد ظلمه ويسترد حقه · كاملا غير منقوص ولا يبغى على ظالمه · وهذا كاف لردع الظالم ردعا حاليا ولكن ظالمك الان لن يرده ولن تردعه قدرتك ردعا كاملا دائما ، الا اذا استشعر بأن جميع من حوله مؤمنين أقوياء ، قادرين على النيل منه اذا بغى او ظلم او بدرت منه فاحشة ·· وهذا امر مستعصى بأى قوم ··
فدائما يوجد من كانت أحوالهم تدعو الباغى على التجرؤ عليهم لعدم مقدرتهم على القصاص منه يسعى باحثا عنهم وسيجدهم حتما · ولكن العفو فيه العلاج الشافى - فيه انتصار على الشيطان ودحره - فيه اصلاح لنفس المظلوم بصرعته صبه وتمكين نفسه من فطرتها · - فيه إصلاح للمظلوم بعلاج أمره وفرصه للظالم برد نفسه عن الظلم · - وإصلاح لحال القوم ، فضلا عما فيه من خيرات فى الدنيا وفى الآخرة · والغاضب فريسة الشيطان ان لم يسرع بالسيطرة على نفسه وتثبيتها على الفطرة والعفو هو ربانى جعل من نفسه قبس من نور الله تعالى لينير به الطريق للآخرين فإن الله عفو كريم يحب العفو ·
والرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) بين لنا كل هذا فى كلمة واحدة · حينما سأله أحد الصحابة رضوان الله عليهم ان يسدى له نصحا ينفعه فى الدنيا والآخرة · فقال له كلمة واحدة هى ام لفضائل كثيرة لو علم قوم سر قوتها لاستمسكوا بها لتنفعهم فى الدنيا وفى الآخرة ·· قال له صلى الله عليه وسلم لا تغضب فالغاضب يحمل شعلة متأججة من نار ويجعل من نفسه فريسة للشيطان ما ان يستشعرها أنقض على فريسته وجعل له فيها موطنا لينفث منها شررا ولهبا تضطرم بها مراجل الآخرين وتستعر فى القوم نارا حامية تأكل الأخضر واليابس ·
والنفس لها رياضتها والعفو رياضة للنفس تبقيها دوما على فطرتها تعيد فيها قوتها وعزتها نورها وقبسها المستنير بنور الله العفو الكريم ·
ومن استغضب ولم يغضب ، أى لم يشعر بفورة الغضب واحمرار الوجه ورعشة البدن من الغضب ، هو كما الدابة ·· ليس هذا هو العفو المقصود ، وإنما العفو من هاج به الغضب فيصرع نفسه ويعفو ، والغضب اضطراب شديد بالنفس يجعلها كما المرجل والعفو سكون لها واعادتها على الفطرة الهادئة المطمئنة ·
وانتشار الظلم والمنكر والبغى بقوم يجعل من النفوس مراجل مضطربة تنفث سموم تزيد القوم ظلما وظلاما ·· فإن عمت قيمة عزة النفس وفضيلة العفو عادت المراجل ساكنة هادئة مطمئنة يشع فيها النور يضيئ للقوم سبيل حياتهم فى دعة ورحمة ورأفة وتعاطف وتواد ، مطرود منها ابليس وذريته ( عليهم لعنة الله )·
والنفوس المضطربة متباعدة يتربص بها ابليس وذريته فيتخلل الازاحات بينها ويجعلها موطنه ومرتعه ويزيد اضطرابها اضطراباً·· وبالعفو تهدأ الأنفس وتستقر وتدنو من بعضها وتتلاحم رحمة ورأفة ومودة ورفقا ولينا يغمرها نور الله تعالى ، فما يجد فيها الشيطان موضعا لقدمه ·· يراها من بعيد يعتصر حزنا·
فهلا نتمسك لنطرد الشيطان من بيننا فليس له موطن سوى مابين نفس ونفسك · وما كان له ان يتسلل لنفس مطمئنة هادئة مستقرة انه يتسلل الى نفس هائمة مائجة فيركب موجتها ويجدف بمجاديفه ويتنزه ويرتع بين ثناياها وخرائبها ، فهو دؤوب على الحركة ما كنت دؤوب على اضطراب نفسك ·
ان تمكنت من غضبك واسكنت نفسك واسكنت نفوس غيرك معك ستتماسك النفوس جميعا كنفس واحدة ولن يجد إبليس سبيلا بينها وسيغيب الظلم والظلام ويعم الهدى والنور ·· ويعود للقوم عزتهم ومنعتهم وقوتهم وسيكونون أقدر على النهوض وبناء الحضارة وإبلاغ الرسالة لكافة الناس ··
هكذا ·· العفو علاج الغضب وتثبيت للنفس على الفطرة·
الإثنين أبريل 21, 2014 7:44 am من طرف كل الخير للخير
» فريق الكشافة بثانوية الخير
الأحد أبريل 20, 2014 12:32 pm من طرف Admin
» مذكرة واجبات الصف الثالث ثانوي الفصل الأول
الأحد أبريل 20, 2014 12:20 pm من طرف كل الخير للخير
» السلام عليكم
الثلاثاء مايو 14, 2013 4:50 am من طرف ro7sara
» اليوم المفتوح ثا نوية الخير الأهلية لعام 14/32
الأربعاء نوفمبر 07, 2012 5:36 am من طرف د. بكري عمر رحمه
» شكر ورجاء ودعاء
الأربعاء نوفمبر 07, 2012 5:30 am من طرف د. بكري عمر رحمه
» أجمل الصور
الأربعاء نوفمبر 07, 2012 5:25 am من طرف د. بكري عمر رحمه
» قريباً ...
الأربعاء نوفمبر 07, 2012 5:22 am من طرف د. بكري عمر رحمه
» شكر وتقدير
الأربعاء نوفمبر 07, 2012 5:18 am من طرف د. بكري عمر رحمه
» موقف طريف مع اللغلة الإنجليزية
الأحد يوليو 04, 2010 8:04 pm من طرف وووويلي